تعودنا أن نسمع في الآونة الأخيرة عن ضرورة مراجعة وتطوير وتجديد أنواع الخطاب المختلفة منها السياسي والديني والإعلامي والثقافي وغيرها ولم يلتفت أحد إلى ضرورة مراجعة وتطوير الخطاب العلمي المعاصر مع إن الحاجة الى ذلك تفوق كل ما عداها نظراً لأهمية ودور العلم كعنصر أساسي في بناء الحياه والتوجه نحو المستقبل المنشود. فلم يعد هناك أي نشاط انساني إلا ويعتمد على العلم وتقنياته في التخطيط والتطوير والإسراع بإيقاع حركة الحياه وتحقيق الأهداف المرجوة. فالخطاب العلمي مطلوب على مستوى المدرسة والاسرة والجامعة والمجتمع وينبغي أن يوجه هذه الخطاب الى إشاعة الروح العلمية بين فئات المجتمع ليصبح التفكير العلمي منهاج عمل وأسلوب حياه
كما ينبغي للخطاب العلمي أن يعمل على نشر الثقافة العلمية الجادة والوعي بطبيعة العلاقة بين العلم والتكنولوجيا وتصحيح المفاهيم المغلوطة مثل (نقل التكنولوجيا) أو الترويج لنقل التكنولوجيا دون نقل العلم الأساسي الذي قامت عليه هذه التكنولوجيا . ومن الأهمية بمكان أن يعمل الخطاب العلمي على تصحيح العلاقة بين العلم والمجتمع وبين العلم والعلماء والمواطنين تلك العلاقة التي لابد وأن تتسم بدرجة عالية من الثقة والفهم السليم والاستيعاب والمصداقية بل والمشاركة الإيجابية الواعية في اتخاذ القرار المبني على أساس علمي . حيث أن كثيراً من المشكلات المجتمعية يعود إلى فقدان المعلومة الدقيقة لدى المجتمع عن العلم والعلماء .
كما ينبغي أن يفيد الخطاب العلمي في نقل الأحداث والقضايا والأفكار العلمية، وكل ما يتعلق بنتائج البحوث العلمية المختلفة التي تجري في مختلف مؤسسات البحث والتطوير إلى الجمهور العام بهدف الإحاطة بالتطورات العلمية والتقنية بشكل مستمر في سياق يعطيها معني ويساعد على استيعابها وربطها بحياة الفرد اليومية. ويزيد من الحاجة إلى تطوير الخطاب العلمي في عصرنا على مستوى البحث والابتكارات والاختراعات وعلى مستوى التطبيقات والممارسات. الاتجاه لتحصيل العلوم والمعارف العلمية الجديدة لم يعد ترفاً أو نشاطاً ثانوياً، بل أصبح جزء لا يتجزأ من رغبة أي مجتمع من المجتمعات التي تخطط لمستقبل أبنائها ورفاهيتهم

